مؤسسة ميزان لحقوق الإنسان

Organization for Human Rights Meezaan

بمشاركة “ميزان”: ندوة حقوقية في خيمة الاعتصام في مقبرة القسام

أخبار مؤسسة ميزان

عقدت مساء الأربعاء (16/12/2021)، ندوة قانونية في خيمة الاعتصام في مقبرة القسام في قرية بلد الشيخ المهجّرة قرب حيفا، المهدّدة بالاستيلاء والتصفية.

وشارك في الندوة، المحامي عمر خمايسي؛ مدير مؤسسة الميزان وممثل لجنة متولي وقف الاستقلال، والمحامي حسان طباجة؛ عضو مؤسسة “ميزان” وممثل لجنة الأهالي للدفاع عن مقبرة القسام. والدكتور يوسف جبارين رئيس المنتدى القانوني للجنة المتابعة العليا، والمهندس معتز كيلاني، فيما أدار الندوة المحامي خالد دغش.

وتطرق المتحدثون إلى تفاصيل ملف قضية مقبرة القسام وحيثياتها من كافة النواحي التاريخية والقانونية والميدانية، وتدارسوا خلال نقاش مع الحضور ومع ممثلي أهالي المتوفين المدفونين في المقبرة، حلولا أخرى من أجل الحفاظ على تاريخ وحاضر ومستقبل المقبرة.

وافتتح عضو لجنة متولي وقف الاستقلال في حيفا، المحامي خالد دغش، الندوة بالقول إن “السلطات الإسرائيلية قامت بمحاولة تصفية مقبرة القسام، وتسريب أرضها لجهات استيطانية وتجارية، وتواجدنا في خيمة الاعتصام هو الضامن الوحيد للحفاظ على المقبرة واستمراريتها في البقاء، وحمايتها من الطامعين، فاجتماعنا اليوم في خيمة الاعتصام كان بغرض إقامة ندوة قانونية حقوقية بمشاركة الجهات القانونية والحقوقية، تحت رعاية لجنة المتابعة، والمنتدى القانوني التابع لها، برئاسة الدكتور يوسف جبارين الذي تواجد معنا فيها مشكورا، وأيضا نشكر جهود ومشاركة مؤسسة ميزان لحقوق الإنسان التي رافقتنا، خلال السنوات الفائتة، في السجال القانوني الدائر حول مقبرة القسام، ونخص بالذكر المحامي الأستاذ عمر خمايسي، وأيضا نشكر المهندس الأستاذ معتز كيلاني، ممثل رابطة المخططين العرب، على تواجده معنا في هذه الندوة الهامة”.

وعن المسار القضائي لملف مقبرة القسام، قال مدير مؤسسة ميزان لحقوق الإنسان والمكلف بالدفاع عن المقبرة، المحامي عمر خمايسي، إن “قضية مقبرة القسام لم تبدأ وتنتهِ كأرض وقفية، وتثار أمام المحكمة العليا في الأيام الأخيرة فقط، وإنما نتحدث هنا عن بدء الإجراءات المتخذة من قبل الجهات الرسمية للدولة منذ العام 1954، عندما قامت إسرائيل بمصادرة جزء كبير من أرض مقبرة القسام، ثم جاء التواطؤ من قبل متولي وقف الاستقلال، إذ تم عقد صفقة لاستبدالها بمقبرة الجديدة في الطيرة، وقامت الدولة في حينه ببيع قسم كبير من الأرض، والبالغ مساحته 15 دونما، لشركة خاصة في العام 1955، وفي العام 1961 تم عقد اتفاق آخر حتى وصلنا إلى ما نحن عليه الآن، ودخلنا في الدعوى المرفوعة ضد متولي وقف الاستقلال كمؤسسة ميزان لحقوق الإنسان في العام 2015 إلى جانب متولي الوقف، لأن الشركة آنفة الذكر كانت قد أرغمت متولي الأوقاف على نقل القبور إلى مكان آخر، وفقا للاتفاق المبرم في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي”.

 

وأضاف أنه “نتيجة للدفاع الذي قمنا به حصلنا على قرار ردت المحكمة بموجبه ادعاء الشركة الخاصة، وهذا بحد ذاته انتصار عظيم لنا، إذ أكد القرار أنه لا يمكن إرغام متولي الأوقاف على نقل القبور لمكان آخر، ولكن مع الأسف الشديد تم التلاعب من قبل الدولة بالأوقاف الإسلامية عبر تهريب الأراضي العائدة للوقف لرجال أعمال وشركات خاصة، بهدف وضع اليد عليها، ليس فقط في وقف مقبرة القسام، وإنما في كل أوقاف فلسطين التاريخية، ومن المعلوم أن من يسير في هذه الإجراءات القضائية أمام المحكمة العليا كمن يسير في عكس التيار، وهو مكبل اليدين، ومع ذلك مضينا في اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بهدف كسب المزيد من الوقت، لكي توفر الدولة الحلول لهذه المشكلة، التي كانت هي السبب في وجودها، تحت الضغط الشعبي”.

وأكد خمايسي على أهمية الحراك الشعبي في مثل هذه القضايا، وقال: “إن المسار الشعبي الجماهيري الداعم، أقوى من المسار القضائي، فقضاء الدولة يتلاعب بالأوقاف، ويتواطأ مع الشركات التي قامت الدولة بتهريب الأوقاف إليها، وهدفنا كما ذكرنا هو إتاحة الوقت أمام الضغط الشعبي الجماهيري الذي سيجبر السلطات على إيجاد حل للقضية. نحن نتكلم هنا عن إجراءات قضائية بين عامي 1969 و1999، وكان من الصعب إبطال هذه القرارات، إذ وافق متولي الوقف الذي عينته الدولة على إبرام الصفقة القاضية باستبدال أرض المقبرة بأرض أخرى، ولذلك يجب أن يكون الدور الضاغط القادم هو الدور الجماهيري الصامد في مقبرة القسام، للتأكيد على أننا لن نتنازل عن أوقافنا لأنها تاريخنا، وأشير بأصبع الاتهام إلى المحكمة العليا التي استسهلت نبش القبور الإسلامية ولم تتجرأ على نبش التاريخ الأسود الذي قامت به ذات السلطات عبر التآمر وسرقة الأوقاف من خلال تعيين متولي أوقاف يتبعون لها، أو من خلال التواطؤ مع محامين وقضاة ساهموا في تهريب وسرقة هذه الأوقاف”.

واستعرض المهندس معتز كيلاني من رابطة المخططين العرب، السرد التاريخي والتخطيطي لمقبرة القسام، وقال: “أنا هنا لإحاطة الجمهور المتواجد معنا بسرد تاريخي وتخطيطي يغطي الصورة الحقيقية الواقعية لقضية مقبرة القسام، وأبدأ بالحديث عن أول خارطة وضعت للمقبرة، إذ كانت في العام 1938، والتي رسمت الحدود الواضحة للمقبرة، وذلك في زمن ما أطلق عليه ‘زمن التسوية’ التي قامت بها سلطات الانتداب البريطاني، علما أن المقبرة موجودة قبل هذا التاريخ بكثير، لكن هذه الخارطة هي المرجعية التي تحدد حدود المقبرة بدءا من الشارع الغربي ‘بلد الشيخ’ وحتى شارع 75 في الجهة الشرقية، حيث تقوم سكة القطار الموجودة اليوم على جزء من أرض المقبرة، والشارع الذي يمر فوق المقبرة هو أساسا جزء منها، وأنتم تذكرون أنه في بداية الألفية الثانية، تم الاعتراض على الطريق الغربي، والذي تم التخطيط فيه لجسر مقابل للشارع منعا لتجريف المقبرة”.

وفي كلمته، أشار ممثل لجنة الأهالي للدفاع عن مقبرة القسام، المحامي حسان طباجة، إلى أن “قضية مقبرة القسام هي جزء لا يتجزأ من الجرح الغائر، جرح القضية الفلسطينية (أرض فلسطين، واحتلال فلسطين)، ومن الملاحظ من الناحية القانونية أن الدولة وخلال سنوات طويلة كانت تحاول الاستيلاء على الأراضي بطريقة حذرة، وغير مرئية، عبر توظيف رجال معينين، هي من تقوم بتعيينهم، أو عبر استخدام طرق الخداع، أو عبر استخدام قوانين مفروضة على الداخل الفلسطيني”.

 

وأضاف أن “الخداع واضح، كما ذكر ذلك الأستاذ عمر خمايسي، فوقف مقبرة القسام لم يكن أرض ملك، وإنما كانت المقبرة تابعة لمسجد الاستقلال، ولم يكن المسجد والقائمون عليه في عداد الغائبين، حتى تستخدم الدولة قانون أملاك الغائبين لوضع اليد على المقبرة، ولكن بعد قيام دولة إسرائيل وتحديدا في العام 1952، قامت الدولة بمصادرة 15 دونما على حدود المقبرة، من خلال قانون اختصاره ‘ح. ر. ا. م’ بحجة الاستيلاء عليها لأغراض مصلحة الجمهور الملحة، وبعد حوالي العام، قامت الدولة ببيع الأرض لشركة خاصة، مما أوقعها في تناقض، فكيف صادرت الأرض لمصلحة الجمهور، ثم باعتها لشركة خاصة! ألم يتم هذا بغرض الحصول على المال؟ لكن ما تم فعله هو طريقة شكلية لوضع اليد، وبعد عشرين عام تقريبا من ذلك لم يتعرضوا بأي شكل من الأشكال للأرض، ولم تمض مدة الـ49 عاما والدولة لم تضع يدها على الأرض، لكن الدولة ومن خلال الموظف المعين من قبلهم في الأوقاف قام بتسهيل وضع يد الدولة على ما تبقى من المقبرة، من خلال اتفاقية شكلية تنم عن الخداع، فادعت الدولة أنها تريد تعويض الأوقاف عن الـ15 دونما المستولى عليها، بأرض أخرى في مقابل التنازل عن 15 دونما أخرى، وتم التوقيع من قبل الموظف المعين من قبلهم على هذه الاتفاقية”.

وختم المحامي طباجة بالقول إنه “رغم ذلك، كانت الدولة بحاجة لقرار من المحكمة الشرعية لتبرير موقفها، وكان قرار المحكمة الشرعية الذي صادق على الاتفاقية غير شرعي وغير قانوني، لأن المحكمة لا تملك أساسا حق التصرف بأراضي الوقف التي أوقفت كمقبرة، ولكي يحفظ القاضي ماء وجهه ويبرر قراره الخاطئ كتب ‘أنا أوافق على أن تأخذ الدولة الثلاثين دونما بشرط عدم وجود مبانٍ وقبور’. وبناء على هذا القرار أخذت الدولة الأرض وطلبت من موظفها التوقيع على الاتفاقية وأعطته بدلا عن الأرض أرضا في بلدة كفر سمير بدلا عنها”.

ويتم في هذه الايام تنظيم نشاطات احتجاجية وندوات وأعمال تطوعية مختلفة في خيمة الاعتصام وعلى أرض المقبرة وشملت صلاة يوم الجمعة الأسبوع الاخير ألقاها الشيخ كمال خطيب؛ رئيس لجنة الحريات في لجنة المتابعة.

هذا ونصبت خيمة الاعتصام في مقبرة القسّام في قرية بلد الشيخ المهجّرة، ضدّ قرار المحكمة العليا الصادر مؤخرا بعدم إبطال صفقة الاستيلاء على المقبرة ورفض مطالب ممثلي أهالي المتوفين المدفونين في المقبرة مصادرة وبيع جزء من مقبرة القسام بحجّة قانون التقادم وتعليلات اجرائية أخرى.

وتؤكّد لجنة متولي وقف الاستقلال ولجنة المتابعة العليا أن قضية مقبرة القسام هي قضية دينية ووطنية وأخلاقية من الدرجة الأولى مناشدين كافة جماهير شعبنا والقوى الأهلية والسياسية والمجتمعية للوقوف وقفة موحّدة ضد الاستيلاء على المقبرة ومن أجل حمايتها.

شارك عبر شبكات التواصل :

اخر الأخبار